تذكرت هذا كله وأنا أقرأ زاوية الأستاذ أحمد بهاء الدين (مسلم.. ثم لماذا؟) في عدد الأحد ٨/ ١١ / ١٩٨١ من (الشرق الأوسط) ، إذ وجدت فيها واحدة مصغرة من صور المعركة الأبدية، التي عانوا ولا يزال يعاني منها تاريخ الإسلام، تارة على أيدي منافقي المدينة، وأخرى من دسائس أهل الكتاب، وثالثة من مؤامرات الباطنية، التي بسطت سلطانها على الجاهلين والغافلين، الذين لم يكن لديهم من الوعي ما يعصمهم من الاستجابة لكل ناعق.. وليس هجوم علي عبد الرازق- في النصف الأول من العصر الحديث- على حمى الخلافة، ودعوتُه المضللة إلى تبني طريقة الغرب الصليبي اليهودي في فصل الإسلام عن ساحة الحكم، سوى خطوة جديدة في طريق الهدم لأهم قواعد هذا الدين، متمثلة في شهادة التوحيد، التي تربط المؤمنين بعهد مع الله ألا يشركوا معه أحدا، وأن يتخذوا من رسوله الأمين إماما، يتبعون سبيله في أسس الحكم، كما يتبعونه في عبادته وفي تصرفاته العامة جميعا، حتى تصبح كل حركة وسكنة من وجودهم عبادة خالصة لله..
لقد كانت دعوة هذا الشيخ الضال في كتابه (الإسلام وأصول الحكم) خرقا خطيرا في جدار الإسلام، فتح الباب على مصراعيه للجهلة من حكام الشعوب الإسلامية، فاتخذوه منطلقا لتخريب مجتمعاتهم، وحجتهم في ذلك أن القائل بهذه التخرُّصات واحد من خريجي الأزهر، وأحد رجال القضاء في بلد الأزهر فرأيه في قضايا الحكم هو دون ريب رأي الإسلام!.
ومن هنا اتخذت الفتنة الحديثة طريقها الجريء إلى تقويض دعائم النظام الإسلامي في نطاق السياسة، التي أصبحت منذ ذلك اليوم ألعوبة الطواغيت، يعبثون عن طريقها في كيان المسلمين، كما تشاء لهم أهواؤهم، وكما يوحي إليهم سادتهم من شياطين الشرق والغرب..