الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
فإن من أهداف الشريعة الإسلامية، والدعوة المحمدية جمع كلمة الأمة وتوحيد صفوفها، وهذا ما توحي به عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى البشرية كافة؛ فقد كان الأنبياء قبله يبعثون إلى أقوامهم خاصة، فكل نبي خاطب قومه بقوله:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}(هود: من الآية٦١) .
أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد أرسل إلى الناس جميعا كما بين الله عزّ وجلّ ذلك في قوله:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}(سبأ: من الآية٢٨) .
وقد خاطب صلى الله عليه وسلم الناس بدعوته قائلا:"يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا".
كما بين لنا صلى الله عليه وسلم بعض خصائصه بقوله:"وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة".
وقد بعث صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين جميعا في قوت كانت البشرية في أشد الحاجة إلى من يأخذ بيدها وينتزعها مما حل بها من ذل وهوان؛ إذ أصبحت تتخبط في أمواج من ظلمات الجهل والفساد في العقيدة والأخلاق والسلوك، فتداركها الله سبحانه بهذا النبي الكريم الرؤوف الرحيم، إذ بعثه على حين فترة من الرسل، وأنزل عليه خير الكتب، وطلب منا الإيمان به تعالى وبرسوله وبالنور الذي أنزله على رسوله فقال تعالى:{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(التغابن:٨) .