تارة نجلس إلى مأدبة الله في الأرض- وهي القرآن الكريم - وتارة أخرى نتأمل الأحكام والأخلاق في مدرسة النبوة ... مدرسة محمد سيدنا، وإمامنا، ومعلّمنا الأول والأمثل، صلى الله عليه وسلم.
ونبدأ بأهم درس في الإيمان وما يجب أن يتبعه من عمل صالح، وأساس ذلك وقاعدته ... وهي النية: أي ما يضمره المؤمن من هدف أو غرض عندما يعزم على أمر أو ينفذه من فوره ...
يروي الإمام البخاري- رحمه الله - في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ... فهجرته إلى ما هاجر إليه"[١] .
جاء هذا الحديث تعقيبا على قصة رجل هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، لا رغبة في فضيلة الهجرة. وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس كان قد خطبها فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر من أجل ذلك. فكانوا يسمونه مهاجر أم قيس.
وقد أورد الإمام ابن حجر شارح الصحيح أقوالا لبعض العلماء عن أهمية هذا الحديث منها قول الإمام البخاري نفسه:"ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث".
واتفق – كما يقول ابن حجر- الشافعي وابن حنبل والمديني وأبو داود والترمذي والدارقطني على أن هذا الحديث ثلث الإسلام. وقال ابن مهدي إنه يدخل في ثلاثين بابا من العلم، وقال الشافعي: في سبعين بابا.