أقلعت بنا الطائرة الأمريكية الضخمة ذات الطابقين التي تحمل أكثر من ثلثمائة راكب من مطار لوس أنجلس إلى طوكيو في الساعة العاشرة إلا ربعاً صباحاً, ومعروف أن المسافة التي تقطعها الطائرة بين لوس أنجلس واليابان كلها فوق المحيط الهادي، وكنت في اشتياق للتأمل في هذا المحيط الضخم الذي رأيته في الخريطة يأخذ مسافة واسعة من الكرة الأرضية, لذلك صممنا أن يكون سفرنا بالنهار واشترطنا على شركة الخطوط أن نكون بجانب إحدى النوافذ، إنها فرصة لزيادة الإيمان بخالق الكون، كانت الطائرة تنهب الجو نهباً, فتسابق الزمن, لأننا نسير إلى الغرب والشمس لا زالت في أول نهارها وكلما تقدمنا إلى الغرب كلما كنا مبكرين وأخذت أنظر إلى المحيط لأرى أمواجه الهادرة وهي تتقلب كصفحات كتاب, وإذا السحاب يغطيه كله فلم أر شيئاً منه، فقلت في نفسي نحن قمنا من نومنا في لوس أنجلس مبكرين، لأننا مسافرون والوقت هنا لا زال مبكراً فلعل المحيط لا يزال يغط في نومه ولذلك بقي مغطى بهذا السحاب المتراكم.
أنا زائر وزيارتي نادرة، ولو علم بزيارتي ومن أين جئت لما تردد في طرد النوم عنه وإبعاد الغطاء عن وجهه، ولعل في الشعر ما يوقظه بطرب وليس بإزعاج فأخذت في مخاطبة السحاب حتى انقشع وكان لي ما أردت: