لم يكن ابن تيمية العالم المجتهد في علوم الشريعة وفروعها أو الناقد اللاذع لخصومه من المخالفين له في العقيدة أو المحدث البارع في علوم الحديث ومعرفة طبقات الرجال، ولم يكن ذو عقلية جبارة عظيمة حتى وصل به الحد أن ينال من كبار الفلاسفة والمناطقة وبيان أخطائهم وهفواتهم في علومهم التي أدخلوها في علوم الشريعة، لم يكن كل هذا فحسب وإنما كان أيضا مع هذا كله قائدا عسكريا عظيما وسياسيا محنكا نابغا، فقد كتب الرسائل العديدة في السياسة الإسلامية من أهمها رسالة السياسة الشرعية بين الراعي والرعية ورسالة الحسبة في الإسلام أو وظيفة الحكومة الإسلامية وفتاوى أخرى لا تحصى مما حدا بالمستشرق الفرنسي هنري لا وست أن يجمع آراءه في السياسة الاجتماعية وأن يجعلها موضوعا لإحدى الرسالتين اللتين تحصل بهما على الدكتوراه من باريس كما أشرت إلى ذلك في الحلقة الأولى من هذه المجلة الغراء في العدد الرابع من السنة الأولى.