تقدم في أول مبحث من له حق الحكم والتشريع ومن المستحق للسمع والطاعة والإذعان والانقياد لأوامره. وأنه هو الله تعالى وحده. وبيان موجز بأن من شرع ما لم يأذن به الله فقد نصب نفسه شريكا مع الله ومن أطاعهم في تشريعهم واستحله فهو مشرك شرك الطاعة المعروف. وفي هذا المقام نورد تفصيل ذلك مما ورد في مجموع نصوص صريحة:
أولا- لما قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك} إلى آخر الآية. جاء بعدها في السياق {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} . فجعلهم شركاء تشريع بتشريعهم ما لم يأذن به الله؛ لأن التشريع حق لله ولا يملك هذا الحق إلا الله.
ثانيا- لما حرم الله الميتة جاء الشيطان لأوليائه من كفار مكة فأوحى إليهم بما يحاولون به في تحريمها ويدعون إلى تحليلها فقال لهم: قولوا لمحمد: الشاة الميتة من قتلها فقال لهم: الله قتلها فقال قولوا لهم ما قتله الله يكون حراما وما قتلتموه أنتم يكون حلالا فذبيحتكم إذا أحسن من ذبيحة الله التي ذبحها بسكين من ذهب بيده الكريمة.. فأنزل الله قوله تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} .