للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تابع أبو تُراب اللّغويّ وكتابه "الاعتقاب"

القسم الثّاني

نصوص من كتاب "الاعتقاب"

"جمع وترتيب"توطئة: في ترتيب النّصوص المجموعة

تقدّم في دراسة الكتاب أنّ أبا تراب جعل كتابه مبوّباً على الحروف، لكل حرفين متعاقبين بابٌ، غير أنّ النّصوص المتفرّقة في المعاجم، وعلى رأسها "تهذيب اللّغة"للأزهريّ لا تسعف في التّعرف على نظام الكتاب في ترتيب الأبواب، والرّاجح أنّها لم تكن مرتّبة، كما تقدّم ذكره في الدراسة.

وقد رأيت أن أرتّب ما جمعته من مادّة الكتاب على حروف الهجاء، بحسب أبوابها مقدّماً أسبق الحرفين في الهجاء ثم أجعل التّرتيب له، فمثلاً: مدهمس ومدغمس، التّبادل فيهما بين الهاء والغين، والغين أسبق من الهاء في الهجاء، فيكونان في باب الغين والهاء، ويكون "اختزع واختزل"في باب العين واللام، و "حلتُّه وحلأته"في باب الهمزة والتّاء، و "الجرماق والجلماق"في باب الرّاء واللام، و "هرهرت الشّيء وفرفرته"في باب الفاء والهاء، وهكذا.

وإذا تساوى بابان أو أكثر في الحرف الأوّل قدّمت الأسبق من الحرفين الثّانيين، نحو أبواب: (البّاء والتّاء) و (البّاء والثّاء) و (البّاء

والحاء) و (البّاء والدّال) وهكذا في جميع الأبواب (١)


(١) قد يشكل على القارئ أن صاحب الكتاب - فيما ورد فيه ذكر لأسماء الأبواب وهو قليل جداً - قد يقدم في التسمية الحرفَ المتأخّر على الحرف المتقدّم، كما جاء في قول الأزهري فيما نقله عن أبي تراب: ((جاء به في باب الظّاء والزّاي)) (التّهذيب ٤/٤٦١) لم يقل: الزّاي والظّاء و ((قال ابن الفرج في باب الميم والباء)) (التّهذيب ١١/٢٤٤) ولم يقل: الباء والميم.
... و ((قد طلبته في باب العين والحاء لأبي تراب ... )) (التّهذيب ٤/١١٠) لم يقل: الحاء والعين.
... ونحو ذلك، فهل عليّ أن التزمَ في هذه الأبواب خاصة بهذا الترتيب بين الحرفين وهذه التسمية، أو لا ألتزم بذلك؟
... ولقد رأيت ألا ألتزم بذلك للأسباب التالية:

... أولاً: أن الالتزام به يؤدّي إلى خلل كبير في الترتيب الذي وضعته للأبواب.
... ثانياً: أن أبا تراب نفسه - فيما نقل عنه - لم يلتزم به في المواد القليلة التي ورد فيها إشارة إلى تسمية الباب، فهو قد يقدم الحرف الأسبق من الحرفين، كما جاء في قول الأزهري مثلاً: ((ذكره في باب اعتقاب الباء والذّال)) (التّهذيب (١٦/٢١٠) و ((قال أبو تراب في باب التّاء والميم)) (التّهذيب /٢٥٩) .
... و ((ذكره في باب الجيم والحاء)) (التّهذيب ١١/٨) .
... و ((رواه ابن الفرج..... في باب الصّاد والفاء)) (التّهذيب ١٥/٥٧٣) .
... و ((نظرت في باب ما تعاقب من حرفي الصاد والطاء)) (التّهذيب ١١/٢٩٥) .
... وهكذا، وهو يوافق المنهج الذي وضعته للأبواب في مادة الكتاب المجموعة.
ثالثاً: أنني وجدت الأزهريّ يقول: ((أبو تراب ... ومثله مما تعاقب فيه الدّال والباء)) (التهذب ١٤/٧٠) في حين يقول ابن منظور: ((ومثله مما تعاقب فيه الباء والدال)) فقدم الباء.
رابعاً: أنني تأملت المادة المجموعة كاملة مما نص فيها على الأبواب وهو قليل، ومما لم ينص عليه وهو الكثير، وتأملت الكلمات المتعاقبة وكيفية ترتيبها، فتبين لي أنه ليس ثمة طريقة ثابتة لترتيب الأبواب والمواد ولعلَّ جهد المؤلف - رحمه الله - كان منصباً على تعاقب الحرفين في الباب فحسب.