، وهي الطّريقة الّتي سار عليها أبو الطّيّب اللّغويّ في كتابه "الإبدال" وليس بعيداً أن يكون قد اطّلع على ترتيب أبي تراب وتأثّر به، وقد وجدته ينقل عنه بعض النّصوص، كما تقدّم في الحديث عن أثر أبي تراب في غيره.
ثمّ رتّبتُ المادّة في كلّ باب بحسب أسبق الكلمتين المتعاقبتين في التّرتيب الهجائيّ الأبجديّ سواء كانت الكلمة الأولى أو الثّانية، فمثلاً "داك الرجل المرأة وباكها"أسبق في الترتيب من "حدجه بالعصا حدجاً، وحبجه بها حبجاً"لأنّ "باكها"هي الأسبق، فقدّم النصّ الأوّل بها.
وبمثل هذا أرجو أن يكون التّرتيب محكماً في الأبواب، وفي الموادّ داخل كل باب، وما من بأس إن كان ثمّة ألفاظ من المادة المجموعة من كتاب الاعتقاب لا يتضح فيها الإبدال أو الاعتقاب بمعناه النّاضج الذي تبلور عند بعض علماء العربية الذين يشترطون فيه حروفاً محددة يسمونها حروف الإبدال، ويشترطون فيه اتحاد الدلالة بين الكلمتين، وهذا أمر مهم نبّهت عليه في الدراسة، وذكرت أن أبا تراب يتّسع في جمع المادة وينزع إلى الاستفاضة في جمع الأشباه والنّظائر، ويستطرد أحياناً.
وثمة مواد قليلة جاء الاعتقاب فيها في ثلاثة أحرف من ثلاث كلمات نحو "جبس وعبس ولبس"و "احتفد واحتمد واحتفل"ولمثل هذا باب خاص، يشار فيه إلى الأحرف الثلاثة المتعاقبة، فيكون النّصّ الأوّل المشار إليه في باب "الجيم والعين واللام"ويكون الثّاني في باب: "الدّال واللام والميم".
وربّما جاء الاعتقاب في حروف مختلفة في كلمتين أو ثلاثة، مثل "مرط فلان فلاناً وهرده"فالاعتقاب بين أربعة أحرف في كلمتين الميم والهاء من ناحية والطّاء والدّال من ناحية أخرى.
ونحو "بَضَّعَهُ وكَنَّعَهُ وكَوَّعَهُ" وهذا تعاقب بين حروف مختلفة في ثلاث كلمات، وهو ضرب من الاتّساع في مفهوم الإبدال أو الاعتقاب عند أبي تراب.