ولأن الالتزام مع الملتزم الصادق يدعوه إلى التطبيق الدائم للشرع، والتنفيذ المتتابع للسنة فيتحول من نطاق العبادة إلى نطاق العادة، ويصبح نهجاً له وخطة، ويصير على الدوام متطلعاً إلى الحق، متطلباً لحكم الشرع، ممسكاً بحبل الله المتين، عاضاً بنواجذه على السنة، فيمضي في طريق مستقيم، وسبيل سوي لا ينحرف ولا يميل، فلا يعول على رأي فلان، ولا ينعطف مع هوى بيان.
ولهذا يتوقف على كل ناصية وعند كل منعطف يسأل:
أين النص؟ وأين الدليل؟
وهل هناك خطة أهدى إلى الحق من تلك؟ فهي لا تعطي الفرصة للاختراع أو الابتداع، ولا تلجئ إلى الابتكار أو الاصطناع، ولا تستخدم الفلسفة ولا الخيال. . ولا مجال لذلك كله _ عند العاقل المنصف أمام شريعة الحكيم الرحمن، وتوجيه الخبير المنان. . الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي علم طوايا النفس وخفاياها، وألهمها فجورها وتقواها. وهو أعلم بالبشر وما يوعون وكيف يهتدون، وماذا يريدون، وإلى أين هم سائرون؟
ويمضي الملتزم في خطته فينقل الالتزام من المسجد والجامع إلى البيت والشارع، فهو ديدنه ومنهجه في إقباله وإدباره، وفي منشطه ومكرهه، وتتبلور التصرفات الفردية لتصنع أخلاق المجتمع السلفي، ولا أدخل الآن في حقائق الالتزام ومبادئه، ولكني أسجل فقط بعض الظواهر الأخلاقية كدارس متأمل لما يعكسه الالتزام من أخلاق ومبادئ وتصرفات.