ولأكون منصفاً لا أريد بكلامي مجتمعاً معيناً محدوداً بالزمان أو بالمكان ولا بالذوات أو بالأسماء كمجتمع المدينة المنورة مثلاً أو مكة المكرمة أو الرياض أو غيرها. وإنما أقصد أي مجتمع يأخذ نفسه بنهج الالتزام للشريعة الغراء، وأسلوب التمسك بالنصوص السمحة، سواء كان هذا المجتمع في مصر أو باكستان أو في سوريا أو في السودان. وإن كان يتعين في مجال الإنصاف أيضاً أن أرد الفضل إلى ذويه، فقد كان لهذه البلاد فضل إمدادي بهذه الملاحظات، وخاصة وقد أتيحت لي الفرصة للانتقال من المدينة إلى الرياض، ومن المدينة إلى مكة. . .
وفي مقالي السابق (يا ولد. . .) هي إحدى الكلمات الشائعة في هذا المجتمع انتهيت منها إلى ما يسوده من نزعة المساواة الحقة التي تولدت من خطة الالتزام بالشريعة السمحة، وإنا لنراها حقيقة مطبقة لا مجرد ادعاء كاذب كما نراه في بعض المجتمعات التي تصيح بالمساواة ولكن لا واقع لها إلا في الهواء على الألسنة والأبواق، وفي الصحف والإذاعات، وحتى عندما تطبق فإنها تعني المساواة في الحقوق لا المساواة في الحب والود والإخاء.
وفي هذا المقال أعرض لظاهرة أخرى وهي ما أسميها (بالواقعية الشرعية) وهي تواجه (الواقعية المادية) وتصادمها؛ لأن الواقعية المادية تستمد مسيرتها من الواقع المادي ومن الظروف حُسنت أو ساءت، طابت أو قبحت، وغالباً ما تقوم على النفاق والتظاهر الكاذب والمباهاة التي لا أساس لها.