فتح المسلمون عيونهم على بشاشة الفوز تضحك لهم خلال الأرض والسماء، لأن هذا الظفر المتاح لهم ردّ عليهم الحياة والأمل والكرامة، وخلصهم من أغلال ثقال {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(آل عمران آية ١٢٣) .
وكانت عدة من استشهد منهم أربعة عشر رجلا استأثرت بهم رحمة الله فذهبوا إلى عليين ثبت عن أنس بن مالك. أن حارثة بن سراقة قتل يوم بدر وكان في النظّارة أصابه سهم طائش فقتله فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله أخبرني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت، وإلا فليرين الله ما أصنع - تعني النياحة - وكانت لم تحرم بعد ... فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام:"ويحك أوهبلت إنها جنان ثمان وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى"[١] .
فإن كان هذا جزاء النظارة الذين اختطفتهم سهام طائشة، فكيف بمن خاض إلى المنايا الغمرات [٢] الصعاب.
ولقد كان نصر الله للمؤمنين في بدر بالقوة المعنوية وحدها، فالتدبير تدبير الله، والنصر بيد الله، والكثرة العددية ليست هي التي تكفل النصر، والعدة المادية ليست هي التي تقرر مصير المعركة.
ولقد وضع الله للمؤمنين الموادّ في دستور هذه القوة التي لا يستغني عنها جيش يحرص على الفوز، وأرشدهم إلى طريق النصر وقانونه.