للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخمر جماعُ الإثمِ

للشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..

وبعد فيسرني أن أرحب بالجامعة الإسلامية _ في المدينة المنورة _ فيما تعتزمه من عقد مؤتمر في صدد مكافحة المخدرات والمسكرات، وهي دائمة معينة بقضايا المسلمين، وما يجدّ من المشاكل في حياتهم، فهي أجدر بأن تقوم بإصلاحات جذرية وتقدم جهوداً وخطوات نافعة في إزالة الأمراض والمفاسد التي تغزو المجتمع الإنساني عامة والمجتمع الإسلامي خاصة، وإن معالجة قضايا المسلمين ووصف أمراضهم وتقديم العلاج الناجح لها من واجبات المسلمين ومسئولياتهم، إذن فإن عقد هذا المؤتمر جاء في موضعه وأوانه.

ومن المعلوم أن الدين الإسلامي حريص على بقاء هذه الإنسانية والحفاظ على كرامتها وشرفها، وشرع أحكامه لجلب المصالح للعباد ودرء المفاسد عنهم، وإن الخمر " جماع الإثم " كما جلاء على لسان النبوة _ على صاحبه الصلاة والسلام _ وجاء التحذير منه في آيات مفصلة من كتاب الله وأحاديث مستفيضة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يتحرق له القلب ألماً ويتندى له الجبين حياءُ، أن هذا الداء الوبيل والمرض العُضال الذي نعى عليه الشرع الإسلامي الحكيم وحرّمه قد تسرب في مجتمعنا اليوم، وشاع إدمان الخمر في كثير من الأقطار والبلاد ومنى به أبناء الإسلام، بل أصبح تناول المسكرات والمخدرات موضة من موضات العصر الحديث يتسلى به الناس ولا يخافون سوء عاقبته، وإذا تفشى هذا الداء فإنه يكاد ينخر المجتمع بأسره، ويخشى به الزوال على جميع القيم الخلقية السامية التي اعترفت بها الديانات وتشبثت بها الأجيال، والحفاظ على العقل من مقاصد الشارع الحكيم، وبالحفاظ عليه يناط صلاح الإنسانية والقيام بمصالحها، فإذا اختل العقل وأصابه فتور وشلل، اختلت الموازين كلها.