للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام والحياة

بقلم أحمد عبد الرحيم السايح (من علماء الأزهر)

حضارة الإسلام

يمتاز الإسلام بأنه دين الحضارة الإنسانية الكاملة بمعنى أنه كان منذ نزوله دين عبادة ودين معاملة.

وأنه أنشأ لونا من الحضارة عرف باسمه (وهو الحضارة الإسلامية) .

ومفهوم كلمة الحضارة مفهوم تطور مع الزمن لا سيما في تاريخ الحياة العربية الإسلامية والمفهوم الأصيل لكلمة الحضارة في اللغة العربية أنها:

تعني حياة الحضر والإقامة الثابتة في المدن والقرى وعكسها البداوة وهي حياة التنقل من البادية. ولقد عرف العرب الفارق بين حياة البادية وحياة الحضر منذ كانت بادية وكان حضر.

ولكن أول من تصدى لهذا التمييز على أساس من الدراسة والتسجيل والتحليل العلمي هو العلامة عبد الرحمن بن خلدون، بل إن هذا العالم العربي هو أول من عالج شئون الحضارة بطريقة علمية تحليلية.

على أنه إذا كان ابن خلدون قد بلور مفهوم الحضارة عند العرب على أنها ذلك النمط من الحياة المستقرة والذي يناقض في مضمونه البداوة. فينشئ القرى والمدن ويضفي على أصحابها فنونا منتظمة من العيش والعمل والاجتماع والعلم والصناعة وإدارة شئون الحياة.

إذا كان ابن خلدون قد بلور هذا المعنى التاريخي واعتبر الحضارة غاية العمران فإن مفهوم الحضارة في العصر الحاضر قد امتد إلى ألوان من المعنى هي أبعد وأوسع مما رآه ابن خلدون في عصره، وفي بيئته العربية، في انتقالها الاجتماعي والسياسي والمدني من البادية إلى الحضر.

ولئن كان بعض العرب القدامى قد استعملوا لفظ (مدني) بمعنى (اجتماعي) فإن مفهوما آخر ظهر واتصل بها وأصبح الآن يعرف باسم المدينة.

وابن خلدون نفسه كان سباقا في هذا المجال اللفظي فاستعمل كلمة (التمدن) وكان يعني بها (التحضر)