٥ – نصحه صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى دين الله
لما بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالدين القويم قام بأعباء هذه المهمة على الوجه الأكمل وصبر على ما اعترضه في هذا السبيل من أذى. أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد فقال: لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الاخشبين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا".
إنّ هذا لهو الخلق العظيم يناله صلى الله عليه وسلم مثل هذا الأذى وتحف به المصائب فينطلق على وجهه مهموما ثم تعرض عليه ملائكة الله القضاء على أعدائه بأن يطبقوا عليهم الاخشبين – وهما جبلا مكة – فلا يستجيب لهذا العرض ويجيب بالإجابة التي تبرهن على تمام نصحه ومحبته لأن يعبد الله وحده فيقول:"بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا".