للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والظاهر أن الحديث الأول لا يدل على أن الخصال الثلاث هي أفضل الأعمال على الإطلاق في جميع الأزمان والأحوال وإنما الأمر الذي يؤخذ منه أن الخصال الثلاث هي من أفضل الأعمال إلى الله تعالى ومما يكون الجزاء عنها بالعطاء الوفير وإنما وقع الاختصار عليها لأن من حفظها يكون لغيرها أحفظ ومن ضيعها فهو لغيرها أضيع. فالصلاة مثلا التي هي عماد الدين من ضيعها فهو لغيرها أضيع وكذا بر الوالدين فهو من الحقوق التي من أضاعها فهو لحق الله أضيع.

وخلاصة القول أن المسلم عليه أن يحافظ على أداء الصلاة في وقتها وطاعة والديه والإحسان إليهما وإن كانا كافرين ما لم يأمراه بما لا يرضي الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قال الله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} . وكما قال: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} وأن يكون في نصرة الإسلام وإعلاء كلمة الله مجاهدا في سبيله بماله وبدنه وعلمه وتفكيره وأن يأخذ بيد المتعثر فيطعم الطعام ويواسي الضعيف ويأخذ بيد المحتاج مستديما لذلك ما دامت له الحياة.


[١] وعبد الله هذا الذي روى الحديث عنه أبو عمرو الشيباني: هو عبد الله ابن مسعود المشهور رضي الله عنه الشيباني.
والشيباني هذا نسبة إلى شيبان بن ثعلبة واسمه: سعد بن أبي إياس وقد أدرك الجاهلية والإسلام وطعن في السن حتى بلغ مائة وعشرين سنة. وقد روي عنه أنه قال:"أول ما سمعت بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى إبلا لأهلي بكاظمة". قال:"وتكامل شبابي يوم القادسية فكنت ابن أربعين سنة".