{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}[١] ، هكذا قال الله في كتابه {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً}[٢]
والشواهد على رسالته صلى الله عليه وسلم كثيرة لا يحصيها العد، ولا تقف عند حد، ويكفينا أن نلم بطرف منها، ولنعد إلى العصر الذي ظهر فيه، والى البيئة التي نشأ فيها، ولنعد إلى سيرته وقد اهتم بها المحدثون والمؤرخون فسجلوا بكل دقة وعناية كل ما يتعلق بها، سجلوا أقواله وأفعاله، سجلوا صفاته وحركاته وسكناته وإشاراته، سجلوا كل ما بدر منه أو صدر عنه.
ومن يفحص هذا التراث الضخم، ويتأمل ما يطويه وما يحتويه، يخرج منه مستيقنا بصدق رسالته، وصحة نبوته.
نعم.. لقد نشأ عليه الصلاة والسلام في عصر سادت فيه الجهالة، وعمت فيه الضلالة، وشاعت فيه الغواية، شب بين قوم أميين، وثنيين غير موحدين، يكفرون باليوم الآخر، ويحيون حياة اللهو والمجون، يتعصبون للأهل، يفتخرون بالأنساب، ويتقاتلون لأتفه الأسباب، كانوا قبائل متفرقة، وعشائر متمزقة، لا تربطهم رابطة، ولا تجمعهم جامعة، لم ينصهروا ليعيشوا أمة واحدة، ولم يكن لهم دولة لها مقومات الدولة من حكومة لها سلطان، وجيش يدفع عنها العدوان، ودستور يفصل الحقوق والواجبات وقانون يبين العقوبات.
في هذا العصر، وفي هذه البيئة نشأ عليه الصلاة والسلام.