هذه هي بعض العلاجات لأصحاب القلوب المريضة والأمراض التي حاربها عليه الصلاة والسلام في المجتمع المسلم؛ حتى تسود في الأمة المحبة والألفة والتعاون في الخير بدلا من الاختلاف والفرقة. وإنما سقنا الكلام هنا عن هذه الأمراض كلها لمحل الشاهد: وهو اجتماع هذه الخصال المذمومة في شخص المرابي، فتجده من أعدى الأعداء لله ولعباد الله وأشدهم إنكارا لأنعم الله، فهو حسود حقود كالحيوان المفترس، فكيف يتصور ولاء شخص منعوت بهذه النعوت جميعا، وكيف يرجى منه النفع للمجتمع وهو بؤرة للفساد والهدم والتخريب {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} ؛ لذا أراد الله تبارك وتعالى أن يطهر المجتمع المسلم من مثل هؤلاء جميعا ليعيش الناس كافة تحت راية العدل والإنصاف. ولا بأس من نقل رأَي لفقيد الإسلام "سيد قطب رحمه الله "في هذا الصدد من تفسير الظلال؛ حيث يقول عن الربا وبشاعته ما نصه: "فلقد كانت للربا في الجاهلية مفاسده وشروره، ولكن الجوانب الشائنة القبيحة من وجهه الكالح ما كانت كلها بادية في مجتمع الجاهلية كما بدت اليوم وتكشفت في عالمنا الحاضر. ولا كانت البثور والدمامل في ذلك الوجه الدميم مكشوفة كلها كما كشفت اليوم في مجتمعنا الحديث. فهذه الحملة المفزعة البادية في هذه الآيات على ذلك النظام المقيت تتكشف اليوم حكمتها على ضوء الواقع في حياة البشرية أشد مما كانت منكشفة في الجاهلية الأولى، ويدرك من يريد أن يتدبر حكمة الله وعظمة هذا الدين وكمال هذا المنهج ودقة هذا النظام.