يدرك اليوم من هذا كله ما لم يكن يدركه الذين واجهوا هذه النصوص أول مرة وأمامه من واقع العالم- ما يصدق كل كلمة تصديقا حيا مباشرا واقعا، والبشرية الضالة التي تأكل الربا وتؤكله تنصب عليها البلايا الساحقة من جراء هذا النظام الربوي في أخلاقها ودينها وصحتها واقتصادها، وتتلقى- حقا حربا من الله تصب عليها النقمة والعذاب أفرادا وجماعات وأمما وشعوبا، وهي لا تعتبر ولا تفيق وحينما كان السياق يعرض في الدرس السابق دستور الصدقة كان يعرض قاعدة من قواعد النظام- الاجتماعي والاقتصادي الذي يريد الله للمجتمع المسلم أن يقوم عليه ويحب للبشرية أن تستمتع بما فيه من رحمة في مقابل ذلك النظام الآخر الذي يقوم على الأساس الربوي الشرير القاسي اللئيم إنهما نظامان متقابلان: النظام الإسلامي، والنظام الربوي؟ وهما لا يلتقيان في تصور ولا يتفقان في أساس ولا يتوافقان في نتيجة؛ لأن كلا منهما يقوم على تصور للحياة والأهداف والغايات يناقض الآخر تمام المناقضة، وينتهي إلى ثمرة في حياة الناس تختلف عن الأخرى كل الاختلاف.