هو حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر الفهري القرشي، أبو عبد الرحمن، يعتبر من أقران خالد ابن الوليد وأبي عبيدة في الشجاعة والإقدام والأثر الجميل في الفتوح الإسلامية؛ لأنه شب على الحرب، وألف منذ صغره الطعن والضرب، فقضى معظم حياته في الحروب [١] ، وكان يقال له حبيب الروم لكثرة دخوله بلاد الروم، وما ينال من الفتوح فيها، وقد روى الخطيب عن مصعب بن عبد الله أنه قال:"كان حبيب شريفا قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر الواقدي سماعه"[٢] .
وقال مكحول:"سألت الفقهاء، هل كان لحبيب صحبة؟ فلم يعرفوا ذلك، فسألت قومه فأخبروني أنه قد كانت له صحبة"، وقال العباس الدوري:"أهل المدينة ينفون عنه الصحبة، وأهل الشام يثبتونها"، وكذا قال أبو يوسف أيضا [٣] ، واضطربت الرواية عن الواقدي، فمرة يروى عنه قوله:"ونحن نقول إنه ولد قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بسنتين"ومرة يروى عنه قوله: "وحبيب يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم ابن اثنتي عشرة سنة".
والظاهر صحة الرواية الأولى؛ أن حبيبا ولد قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، فقد جاء في تهذيب تاريخ دمشق: قال محمد بن عمرو: الذي عند أصحاب روايتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وحبيب ابن اثنتي عشرة سنة، وأنه لم يغز معه شيئا، وفي رواية غيرنا أنه غزا معه، وحفظ عنه أحاديث [٤] .
وفوده على النبي صلى الله عليه وسلم:
أخرج الحافظ ابن عساكر بسنده أن حبيبا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم غازيا، وأن أباه أدركه بالمدينة فقال: يا نبي الله، إنه ليس لي ولد غيره يقوم في مالي وضيعتي وعلى أهل بيتي، فرده معه، وقال:"لعلك أن يخلو لك وجهك بي في عامك، فارجع يا حبيب مع أبيك"؛ فرجع، فمات مسلمة في ذلك العام، وغزا حبيب فيه.