الجامعي بين التحصيل والتبليغ
للشيخ ممدوح فخري المدرس بالجامعة
يظن بعض الجامعيين خطأ أنّ فترة التحصيل معناها الانقطاع التام عن التبليغ, والتفرغ الكلي لاستيعاب الدروس وهضم المقرر, وأما التبليغ فمهمة تنتظر الجامعي يوم يتخرج ويحمل المؤهلات التي ترشحه للقيام بالمهمة الجديدة.
وفي هذه الفكرة الخاطئة خطر كبير محقق على دور الطالب في الدعوة والتبليغ وشل كبير لنشاطه, وإخماده لدفقة الحياة في عروقه وإطفاء لجذوة النور في مرحلته التي تعتبر ربيع حياته كلها, وكيف لا وهي مرحلة الشباب الدافقة بالخير والحركة, وإذا كان في هذه الفكرة صرف الطالب عن مهمته في الحياة, فالمنتظر من الطالب الواعي المدرك لمركزه في هذا الوجود, ولدوره في الحياة أن يبادر إلى طرح هذه الفكرة جانبا, والالتحاق فورا بركب المجاهدين من جميع المسلمين العاملين على فهم الدين والعمل به وتبليغه, وهذه النقاط الثلاث الأخيرة هي في الحقيقة محور حياة كل مسلم, سواء كان عاميا أو جامعيا, ولكن الذي يقدر عليه الجامعي من ذلك لا يقدر عليه من سواه.
ولتوضيح هذه الفكرة توضيحا أكثر وعرضها عرضا محددا دقيقا, لا بد من التركيز ووضع النقاط على الحروف كما يقال, ووضع برنامج بارز المعالم يمكن لكل من بيتغي الخير لنفسه وأمته والإنسانية أن يلتزمه.
لاشك في أن التحصيل واستيعاب الدروس هي المهمة الأولى في حياة الطالب التي وقف عليها الجزء الأعظم من حياته, ولأن الطالب الذي يخفق في مهمته الأولى جدير أن يخفق فيما يليها من المهمات من باب أولى, ولكن هذه المهمة ليست كل شيء في حياة الطالب, وإذا كان ذلك كذلك, فما هي الجوانب الأخرى غير الدراسية التي يجب أن يلعب فيها الطالب دوره.
هنالك حقائق أساسية في حياة كل مسلم ينبغي أن تتوفر, وخاصة في الطالب المسلم, ذلك الإنسان الواعي المتعلم المنظم في تفكيره وسلوكه: