إن من يمعن النظر.. في أعماق الحضارة الإسلامية، وما حققته للإنسانية من أسباب النمو، وعوامل الازدهار.. ويلم بما جاء به الفكر الإسلامي، من مفاهيم تناولت أهم معضلات الحياة..
إن من يتعمق في ذلك.. يدهشه مدى عمق التفكير الواعي، الذي بلغ ذروته علماء الإسلام.. ويتضاعف إعجاب الباحث، بهذا الفيض الزاخر من الجهود العلمية العظيمة التي ملأت الدنيا..
وتزداد دهشة المفكر، ويتعاظم تمجيده، لحركة التحول الخطيرة التي أصابت المجتمع العربي، في تلك الفترة القصيرة..
تُرَى.. أي سر هذا الذي استطاع أن يحول عرب الصحراء، إلى أساطين في العلم، ومشاعل في الحضارة، وأفذاذ في المعرفة، ومنارات في الثقافة؟ وأي قوة رفعت العرب من حال البداوة التي كانوا عليها، إلى أبطال وقادة، غير هيابين ولا وجلين؟.
وترى. . كيف نفسر سرعة تطور العرب من الجاهلية الجهلاء.. إلى الحضارة العلياء، في أقل مدة عرفتها الإنسانية؟.
تقول الكاتبة الألمانية الدكتورة (سيجريدهونكه) : "إن هذه الطفرة العلمية الجبارة، التي نهض بها أبناء الصحراء، من العدم، من أعجب النهضات العلمية الحقيقية، في تاريخ العقل البشري".
وليس من المعقول في نظر المفكر، والباحث، والدارس.. أن يطفر الفكر العربي الذي قيدته ظروف الحياة القبلية الآسنة اليبوس، إلى مثل هذه المرتبة العالية، دون أن تكون هناك الأسباب القوية التي دفعت به إلى الحياة المتحركة دفعا..