إن هذا الجيل الناهض الذي تغافل وأهمل أولياؤه في بنائه بناءا حازما شريفا، قد نشأ على غير أخلاق أمته ووطنه، وقد غزي في عقر داره بالعقلية الأجنبية المارقة، حتى أصبح خاضعا خضوعا تاما ومتهافتا أمام العقائد الغربية المتطرفة، فهو الآن لا يملك من زمام نفسه وعقله شيئا، كما أنه لا يريد لنفسه، ولا للجيل الذي يأتي بعده طريقا موافقا لطريق أمته وقومه، بل إنما يريد أن يكون إنسانا غير الإنسان السابق، إنسانا لا يجتمع مع سلفه إلا في تراب الوطن وألفاظ اللغة فحسب، وأنها لمؤامرة ناجحة من الغرب لإفساد أمة كان لها تاريخ، وكان لها سبق في مجالات الحياة.
إن هذا الإنسان الجديد الذي نشأ وتربى على الصورة التي أرادها له الغرب، أصبح لا يرضى للدين أن يبقى في مكان عزيز في هذا الوطن ولا يرضى للإسلام أن يعيش محترما في هذه الأرض التي لم يعزها ولم يرفع مكانتها إلا الإسلام، لقدسيته ولعظمته ثم لا يكتفي هذا الجيل الجديد بالسخط على الإسلام، بل وكأنه يخفي في نفسه هذه أشد أنواع العداوة والحقد، فهو يريد أن يقوم معه ومع أفكاره بمعركة فاصلة في كل المجالات التي بقي الإسلام يقوم فيها بنشاطه، إن هذا الإنسان الجديد لا يتلكأ للوصول إلى هذا الغرض عن الاتيان بأخبث الأعمال وأسوأ أساليب الغزو والجدال، إنه لا يتلكأ في أن يملأ الأمة الإسلامية، والأمة العربية، وهي جزء منها إلا عذابا ونكبات ما وراءها من نكبات.
إن هذا الإنسان الجديد الذي بدأ ينشأ في العالم الإسلامي اليوم، ويقوم بأعماله التعسفية في الحياة الخاصة والعامة في أقطار عالمنا، قد أصبح أصل الداء ورأس الفساد في بيئتنا الحاضرة، وبه بدأت قيمنا تفسد ومقومات اجتماعيتنا تضيع، وجهتنا الفكرية والشعورية في الحياة بدأت تتغير تغيرا هائلا.