للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرياتي في أفريقيا

للشيخ محمد العبودي الأمين العام للجامعة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على أشرف خلقه وخاتم أنبيائه ورسله، وعلى آله وصحبه ومن أتبع هداه إلى يوم الدين. وبعد:

لقد طلب مني أن يكون عنوان حديثي إليكم عن مشاهداتي في أفريقيا. إنني أقول حديثي ولا أقول محاضرتي، لأنني سوف أتحدث هنا عن مشاهداتي حديثا مرسلا، لا يصل إلى درجة المحاضرة التي تتطلب البحث العميق والتفصيل الكامل في موضوع من المواضيع.

ومع ذلك أيها الإخوان، فإن الحديث عن أفريقيا مجاله رحب، وفي الحديث عن الإسلام في أفريقيا وأحوال المسلمين هناك ما يحرك العواطف، ويثير الشجون، وإن أحوال المسلمين في أفريقيا لتتطلب لا الأحاديث الكثيرة فقط، وإنما تستدعي من كل مسلم التفكير في خطط العمل الجاد، والمساهمة بقدر ما يستطيع.

أيها الإخوة في الإسلام، إن أفريقيا قارة واسعة شاسعة، ولا يمكن إصدار حكم واحد على مجموعها أو وصفها بصفة تنطبق على كافة أجزائها. فالأحوال في أقطارها متباينة والظروف التي تحيط بأجزائها مختلفة، والمتحدث إليكم لم يشاهد أقطار أفريقيا كلها، ومن الطبيعي أنه لن يتحدث إلا عما شاهدها منها.

ولذلك لا بد من أن نحدد المقصود من أفريقيا حين ترد في حديثنا. فنقول: إننا نريد بها ما وراء الصحراء الكبرى جنوبا. إننا نقصد بإفريقيا إفريقيا الفتية التي تحررت أو تحرر أكثرها من الاستعمار، وأخذت تتطلع إلى المستقبل بعين الأمل والرجاء وهي تريد أن تعوض ما فاتها خلال نومها الطويل تحت ليل الاستعمار، ثم تريد أن تساهم بعد ذلك في البناء الحضاري الإنساني. وهي الآن وقد أخذ يتضح لها زيف المبادئ التي كان قد لقنها المستعمرون لأبنائها تبحث عن مبادئ وقيم جديدة, ولن تجد تلك المبادئ الإنسانية النبيلة التي تتفق مع الفطرة وتصلح لكل زمان ومكان إلا في الإسلام.