لقد أتيح لي – أيها الأحبة في الله – أن ازور أفريقيا مرتين، إحداهما في عام ١٣٨٤هـ والثانية في عام ١٣٨٦هـ الموافق للعام الميلادي ١٩٦٧ م. وقد زرت خلال الرحلتين المذكورتين الأقطار التالية: ارتيريا، الحبشة، الصومال، كينيا، يوغندا، تنجانيقا، بورندي، الكنغو، زامبيا، روديسيا، ملاوي. ولن يتسع الوقت بطبيعة الحال للحديث عن كل تلك الأقطار، فالحديث عنها وخاصة عن الإسلام والمسلمين فيها، حديث ذو شجون – كما قدمت – ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وفي نطاق الوقت المحدد لهذا الحديث لابد من الإيجاز والاختصار، وإيراد الألفاظ العامة، والأحكام غير المفصلة إلا بالقدر اللازم لفهم الموضوع وفيما لا يتعدى الحقيقة.
أيها الإخوان في الله:
في مطلع هذا الحديث أحب أن أزف إليكم بشارة تحققت منها عن يقين وبعد تدقيق وإمعان وهي: أن الإسلام في أفريقيا بخير، وأن الإسلام في أفريقيا الآن ليس في مكان الدفاع كما يدعى أعداؤه والمتخاذلون من أبنائه، ولكنه الآن في معظم أقطار أفريقيا كنور الشمس الساطع الذي لا يقف أمامه ظلام.
إن الإسلام الآن في أفريقيا ينتشر انتشار النور الساطع الذي يلج – مع كل دقيقة من ارتفاع الشمس – زاوية جديدة، ولكن لا بد أنكم تتساءلون كيف وأين؟ وبأية وسلية كان ويكون انتشاره؟ وأجيبكم بإيجاز فأقول:
لقد وفق الله سبحانه وتعالى لنشر دينه، أبطالا مجهولين للناس، وأنصارا لا يعرف بعضهم بعضا في البلاد الأفريقية المختلفة.