محاضرة ألقاها فضيلة الدكتور على طلبة الجامعة الإسلامية
هاتان الكلمتان لم تكن تستعملهما العرب بهذا المعنى الذي يقصده بهما كتاب العصر الحاضر لأنهما مما ترجمه المترجمون باللغة العربية ناقلين له من اللغات الأوروبية فتلقاه كتاب العربية واستعملوه في كلامهم وكتبهم.
والرجعية نسبة إلى الرجع وهو مصدر رجع يرجع رجعا أي عاد إلى مكانه الذي كان فيه أو إلى حال كان فيها وفعله بهذا المعنى اللازم.
قال ابن منظور في لسان العرب:"ومصدره لازما الرجوع ومصدره واقعا الرجع يقال رجعته رجعا فرجع رجوعا". اهـ.
والرجعية عند المعاصرين صفة الرجعي الذي يرجع في أفكاره وعقائده إلى الزمان الماضي وهو زمن الانحطاط والظلم والجهل والاستئثار والإصرار على الخرافات والأوهام التي انقشع الظلام فيها عن بصائر المتقدمين والمتمدنين السائرين حثيثا في ركب الحضارة الطالبين للحقيقة ولا يمنعهم منها مانع من العقيدة أو عادة يتعصب الرجعيون لها فهم - أعني المتقدمين - دائما في طليعة هذا الركب أغنياء أقوياء سعداء علماء سائرون إلى الأمام متعاونون مع الشعوب التقدمية ينظرون إلى آبائهم وأسلافهم نظرة ازدراء أو رحمة وشفقة ويسخرون منهم كلما ذكروا أحوالهم.
بداية عصر النهضة والتقدم عند الأوروبيين وكيف كانت الحالة قبل ذلك:
ينبغي أن نذكر هنا كيف كانت الحال قبل النهضة ليعرف فضلها, ويتبين لكل ذي عينين الفرق الشاسع بين التقدميين والرجعيين الذين يصرون على تقديس العصور المظلمة على حد تعبير خصومهم.