قضت الحكمة الإلهية أن تكون حياة الإنسان على هذه الأرض سلسلة متصلة الحلقات من المعارك، مع الشيطان وذريته من جانب، ومع غرائزه وشهواته من جانب آخر، ثم مع حاجاته المتجددة أبداَ إلى الضرب في أكناف الأرض. وهو في كل ذلك معرض لأصناف المحن والفتن التي تسلبه الطمأنينة، فلا ينفك فريسة للقلق والروع حتى يجد منفذاً يقربه من السلامة ولو عن طريق الوهم.
ونظرة واعية إلى واقع البشر في هذه الأيام تؤكد لنا هذه الحقيقة، إذ ترينا البسيطة على امتدادها مسرحاً لألوان الأهوال، لا يكاد يسلم من لذعها كائن ولو عاذ بالقمم أو غاص في الخضم.. وليس أسعد للإنسان في مثل هذا الجو الرهيب من أن يعثر على منطقة أمان تهب له فرصة التخلص من قلقه ولو بعد حين.
وعلى ضوء هذا الواقع المشهود ندرك قيمة الهبة العظمى التي خص الله بها هذه البقعة من الأرض. حين أقام فيها بيته العتيق، وجعلها مثابة للناس وأمنا.