الرشوة
لفضيلة الشيخ عطية محمد سالم
القاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينة المنورة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد:
فهذه عجالة في موضوع الرشوة تلبية لطلب (الإعلام) ؛ لتقدم في حلقات (تلفزيونية) ، سطرتها كبحث ليساعد على تقديمها على حلقات. وبالله التوفيق ومنه العون والرشاد.
الرشوة لغة:
قيل في المحاباة والجعل؛ قال صاحب القاموس: الرشوة مثلثة الجعل، ورشاه أعطاه، وارتشى أخذها، واسترشى طلبها، والفصيل طلب الرضاع، والرشاء ككساء: الحبل.
وزاد صاحب اللسان: وهي مأخوذة من رشا الفرخ؛ إذا مد رأسه إلى أمه لتزقه.
قال ابن الأثير: الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء؛ فالراشي الذي يعطي من يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا.
ألفاظ مرادفة للرشوة: منها السحت والبرطيل:
والسحت لغة: الحرام، أو ما خبث من المكاسب فلزم عنه العار؛ سمي بذلك لأنه يسحت البركة ويذهبها، يقال: (سحته الله) أي أهلكه، ويقال: (أسحته) ، وقرئ بهما في قوله تعالى: {فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} أي يستأصلكم ويهلككم.
واستدل له بقول الفرزدق:
وعض زمان يا ابن فروان لم يدع
من المال إلا مستحثا أو مجلف
وأصله كلب الجوع، يقال: (فلان سحوت المعدة) إذا كان لا يلقي أبدا إلا جائعا، قاله الفراء [١] .
ومما يشهد لهذا المعنى اللغوي ما ثبت في فقه اللغة من تقارب المعنى بتقارب الألفاظ، والسحت متقارب مع السحق بالقاف، وهو الدق والطحن بشدة، وفيه الهلاك والتحطيم، وكذلك يشترك مع السحت السحب بالباء، وفيه سحب المرتشي، ويشترك مع السحر، والرشوة فعل عمل السحر في نفسه.