لقد اشتمل القرآن الكريم على كثير من الآيات التي تفيد أنه تصديق أو مصدق لما تقدمه من كتب الله.
ولقد تعلق بهذه الآيات أعداء الإسلام وخصومه من غلاة المستشرقين والمبشرين فراحوا يزعمون أنها تعني سلامة الكتب السابقة من التحريف والنسخ، وأن ذلك يستتبع وجوب العمل بهذه الكتب كالقرآن سواء بسواء، وقد وضعوا في هذا المعنى بعض الكتب والرسائل كرسالة "أبحاث المجتهدين في الخلاف بين النصارى والمسلمين"[١] .
ومن هنا يتحتم علينا أن نبين المعنى الصحيح لهذا التصديق حتى يتبين كل منصف أن هؤلاء قد حمّلوا آيات الله ما لا تحتمل، وزاغوا بها عن معناها الحق، ومرادها الصدق، وأرادوا بذلك تحريف كلام الله عن مواضعه كما فعلوا في كتبهم، ليتعللوا بذلك في عدم إيمانهم بخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم، وبما أنزل الله عليه من كتاب.
من هذه الآيات، قوله تعالى:{ألم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ..}[٢] .