إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي وصف فيها القرآن الكريم بأنه مصدق لما بين يديه من كتب الله [٥] .
فقوله -جل وعلا- {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أي مبينا صدق ما تقدمه من الكتب المنزلة على رسل الله عليهم السلام.
وبيان القرآن الكريم لصدق ما سبقه من كتب الله، من جهات متعددة:
الأولى: أنه أثبت الوحي، وقرر إمكانه ووقوعه فعلا، حيث أخبر في كثير من آياته أن الله أرسل رسلا كثيرين قبل محمد صلى الله عليه وسلم وأوحى إليهم، يشهد لذلك قوله تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ...}[٦] .
فهذا تصديق لأصل الوحي وللرسالات السابقة، وبذلك يكون القرآن مصدقا لما بين يديه، ويكون محمد صلى الله عليه وسلم كذلك مصدقا لمن سبقه من رسل الله.
الثانية: أن القرآن الكريم جاء حسب وصفه الموجود في تلك الكتب، حيث اشتمل على وصف خاتم الرسل، وأنه يأتي بكتاب من عند الله، فنزول القرآن على وفق هذه النعوت تصديق لهذه الكتب.
قال الإمام ابن كثير في معنى قوله:{مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} أي من الكتب المتضمنة ذكره ومدحه، وأنه سينزل من عند الله على عبده ورسوله، فكان نزوله كما أخبرت به مما زادها صدقا عند حامليها من ذوي البصائر الذين انقادوا لأمر الله واتبعوا شرائع الله [٧] .
الثالثة: أن القرآن الكريم قد وافق هذه الكتب في مقاصد الدين الإلهي وأصوله التي لا تختلف باختلاف الشرائع والرسالات، وفي هذا الصدد نلاحظ اتفاق القرآن مع غيره من كتب الله فيما يلي:
١- الدعوة إلى الإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله واليوم الآخر، وما يتصل بذلك من تنزيه الله تعالى عن النقائص، ووصفه بكل كمال يليق بذاته المقدسة.