ظهر الإسلام في أرض هي جزيرة بين البحار، وسطع نوره بين أمة عرفت البحر ومارسته، واتخذته طريقا للتجارة، وسبيلا للغزو، ووسيلة للمعاش. فمن الواضح الضروري أن يكون لغزاة البحر في الإسلام، وللأساطيل وآثارها في تكوين الدولة وشد أزرها، ما لم تزل معالمه قائمة، وشواهده ماثلة، بحيث يغني فيه العيان عن البيان.
ولكن المهم وراء ذلك هو البحث عن أولية الحياة البحرية في الإسلام وكيف نشأت متسلسلة على الحياة البحرية للعرب في الجاهلية ومتولدة منها، في الأطوار الأولى لدولة الإسلام العربية قبل أن تتعاون أمم العرب والعجم على النهضة بعبء الحضارة الإسلامية وتتكاتف على احتمال أمانة الرسالة.
فقد احتفظ تاريخ ظهور الإسلام بذكريات عزيزة راسخة في قرارته، من حديث البحر ورجاله وأساطيله. وشرف البحر بما شرفت به أولية الرسالة الطاهرة، وكتب في صحيفة ما ابتلي به السابقون من المؤمنين، من ابتلاء بالهجرة.