وبعد: فهذه كلمة أريد بها تسجيل حقيقة مركوزة في نفوس المسلمين ولكنهم ينسونها، ومستقرة في عقول الموحدين ولكنها قد تغيب عنهم، رغبة مني في رد الأمور إلى نصابها، ومذكراً بتطهير عقائدنا من سلطان لغير الله. وهي تأتي لا عن دراسة مني ولكن عن تجربة مريرة عشت فيها سنوات، ظننت خلالها أنني أستطيع بوسائلي ووسائل الناس أن أصنع شيئاً لنفسي ينقذني مما أنا فيه، ولكن ضاعت كل هذه الوسائل وخرجت بالنتيجة التي استقرت في قلبي ومشاعري وضميري وما أذكره هنا من حقائق ليس تعبيراً عن هذه التجربة ولكن استدلالاً عليها وتبياناً لها..
لقد خاطب القرآن الكريم محمداً عليه الصلاة والسلام بقوله:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} .
فالله سبحانه وتعالى هو الذي فتح على محمد عليه الصلاة والسلام، وهو الذي جعله فتحاً مبيناً شاملاً كاملاً، ومع هذا الفتح العظيم الذي أقر به عيون المؤمنين وثبت به قلوب الموحدين وأرسى به قواعد الدين، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر ـ فضلاً وكرماًـ ثم هداه صراطاً مستقيماً.
هذه النعم المتلاحقة على خير المجاهدين وأعظم الموحدين هل كانت إلا منحاً ربانية بدأت من الله وانتهت إلى الله الغفور الرحيم.