للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الحق أن نقول: "إن الصاحب لم يستسلم لهواه بإزاء أبي الطيب، إلى الحد الذي يخرجه عن كل تقدير له، فإلى جانب هذه الطعنات القليلة، إنصاف غير قليل، عالج به مجموعة من أمثال المتنبي، في كتاب خاص، لم يبخس فيه الشاعر الحكيم حقه، وهو نفسه لا يهجم على المتنبي في رسالته الساخرة هذه الهجوم المنكر لعبقريته، وإنما دفعه إلى تأليفها حديث دار بينه وبين بعض المتعصبين لأبي الطيب، فقد سأله هذا عن رأيه في شعره فأجابه بما يلي: "إنه بعيد المرمى كثير الإصابة، إلا أنه ربما يأتي بالفقرة الغراء مشفوعة بالكلمة العوراء.. فلم يرق ذلك للسائل، بل تحداه أن يثبت زعمه كتابة، فاضطر الصاحب إلى تأليف هذه الرسالة تسويغاً لما ذهب إليه ..."

على أن من طرائف القدر أن يُبْتلى الصاحب نفسه بمثل ما ابتُلِيَ به المتنبي من خصومته... فلقد رماه الدهر بباقعة من فطاحل كتاب العربية، لا يعجزه أن يجعل من الحق باطلاً، ومن الباطل حقاً.. ذلك هو أبو حيان، صاحب كتاب (الإمتاع والمؤانسة) الذي خص الصاحب بصفحات من النقمة المبدعة، توشك أن تجعل منه ضحكة الأبد.


[١] لم يستعمل الأقدمون هذا الفعل بما نريده الآن، ولكنه عند المولدين كثير، ونرى قبوله بدلالة حروف الزيادة على الطلب. الكاتب
[٢] بعض اللغويين ينكر هذه الصيغة ويأبى إلا رد الياء إلى أصلها (الواو) ونرى أن الصيغة صحيحة على أساس أن اشتقاقها من (القيمة) مباشرة كاشتقاق (التعييد) من العيد الذي هو في الأصل بالواو. الكاتب.