الفصل الثالث: دور مجامع اللغة العربية في إحياء الممات.
الفصل الأول
الحاجة إلى إحياء الممات
اللغة ألفاظ معدودة يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، والأغراض تتجدد والمعاني تتولّد، والحضارة تقذف كلّ يوم بمخترع، والعلوم تطالب كل حين بمصطلح جديد، والألفاظ محدودة، والمعاني لا تنتهي واللغة التي لا تستوعب حاجات أهلها ولا تساير ركب الحياة تضمحل ثم تموت.
وللغات الحية وسائل تنمو بها، وطرائق تجدد بها شبابها، وللعربية وسائلها وطرائقها التي تنمو بها وتتجدد، ومن أبرز هذه الوسائل [١] :
١- القياس.
٢- الاشتقاق.
٣- الوضع والارتجال.
٤- النحت.
٥- القلب والإبدال.
٦- نقل الدلالة.
٧- التعريب.
٨- إحياء الممات.
وهذا الأخير لم أجد من ذكره في وسائل تنمية اللغة، وهو في رأيي المتواضع أحدها، وإن لم يكن أهمها، ويمكن اللجوء إليه والاستفادة منه عند الحاجة، وبخاصة إذا أردنا أن نحافظ على نقاء اللغة ونحد من ظاهرة الاقتراض في العربية بشقيها المعرب والدخيل.
ويطيب لي أن أقول من خلال هذا البحث أن للمات دوراً في تنمية اللغة العربية يتمثل في إمدادها بألفاظ من مخزونه الثري، فلربما ماتت الكلمة واختفت زمناً طويلاً ثم بعثت من جديد لتستخدم في معناها القديم، أو في معنى جديد، كإحياء الكلمات الميتة للتعبير عن المصطلحات العلمية الجديدة، ولهذا يقول علماء اللغة المعاصرون: إنه من الخطأ أن نقول: (إن كلمة ما قد ماتت؛ إذ إنّ هناك دائماً احتمال عودتها للحياة، ولو كان ذلك بعد قرون عديدة من الهجوع والاختفاء من الاستعمال [٢] .