للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"من أعماق الكتب"

لقد كانت السنة مفتاحاً لفهم النهضة الإسلامية منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً، فلماذا لا تكون مفتاحاً لفهم انحلالنا الحاضر؟

إن العمل بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو عمل على حفظ كيان الإسلام وعلى تقدمه، وإن ترك السنة هو انحلال الإسلام.

لقد كانت السنة الهيكل الحديدي الذي قام عليه صرح الإسلام، وإنك إذا أزلت هيكل بناء ما، أَفَيُدْهِشُكَ أن يتقوَّض ذلك البناء كأنه بيت من ورق؟

إننا نستعمل هنا كلمة السنة بأوسع معانيها، على أنها المثال الذي أقامه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم من أعماله وأقواله، إن حياته العجيبة كانت تمثيلا حيًّا، وتفسيراً لما جاء في القرآن الكريم، ولا يمكننا أن ننصف القرآن الكريم بأكثر من أن نتبع الذي قد بلَّغ الوحي صلى الله عليه وسلم.

لقد أتى الإسلام بالرسالة الجديدة التي لا تجعل احتقار الدنيا شرطاً للنجاة في الآخرة، تلك الخاصة الظاهرة في الإسلام تجلو الحقيقة الدالة على أن نبينا -الذي كان في رسالته الدليل الهادي للإنسانية- كان شديد الاهتمام بالحياة الإنسانية في كلا اتجاهيها، في المظهر الروحي، والمظهر المادي، وإن القول بأننا مجبرون على اتباع الأوامر المتعلقة بالنوع الأول، ولكننا لسنا مجبرين على أن نتبع الأوامر المتعلقة بالنوع الثاني إنما هو نظر سطحي، وهو فوق ذلك مناهض في روحه للإسلام، مثل الفكرة القائلة بأن بعض أوامر القرآن الكريم قد قصد بها العرب الذين عاصروا نزول الوحي، لا النخبة من الأكياس (الجنتلمان) الذين يعيشون في القرن العشرين.

- هذا القول بخس شديد لقدر النور النبوي الذي قام به المصطفى صلى الله عليه وسلم.