رئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الأمة الإسلامية ليست حدثا عارضاً في حياة الإنسانية، وليست نبتا بلا قرار، إنها – وفيها التوحيد – شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
إنها- وفيها الحق- ليست زبداً طافياً يذهب جفاء وإنما هي معدن أصيل ينفع الناس فيمكث في الأرض.
إنها- وفيها القرآن وبيانه - لن ينتهي مدها ولن يطفأ نورها ولن يخمد ذكرها بفضل من الله ورحمته.
إنها أمة الرسل والأنبياء جميعاً. تآخت فطرتها مع فطرة الكون الذي أسلم كل من فيه لله طوعاً وكرهاً.
إنها ذات أصل ثابت وفرع ممتد في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، غيرها من أهل الباطل له في الزمن ساعة وهي بفضل الله إلى قيام الساعة.
تأتى إليها الريح فتميل بها ولا تقتلعها، وتهب عليها العواصف فتسقط من ورقها ما صار هشيماً، وتظل تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
ولئن مرت عليها فترات فتور أو خمول يراها أهل الكفر مواتاً ويرون حماها بواحاً فإن لها من مقوماتها ما يبعث الحركة فيها ويجدد الحياة.
ومهما طال الليل فإن فجراً صادقاً يأتي عليه فيطوى ظلامه ونجماً رائداً متألقاً مجددا يؤذن بطلوع الفجر، فتتحول الحياة- وهي تسمع الآذان- من حال إلى حال، فيصحو الغافل ويستيقظ النائم ويصبح نشيطاً طيب النفس.
فما مقومات هذه الأمة؟ وما أَسباب النهوض بها؟
ذاك ما سنحاول في هذا اللقاء أَن نتحدث عنه أو نشير إليه.
إن المقومات تمثل الثابت في تاريخ هذه الأمة ولذا فإنها لا تتغير بتغير الزمان والمكان، وبها يرتبط ما هو متغير من أسباب النهوض في كل عصر.