مع بيان الحق الذي تدل عليه الأدلة وتشهد به الفطر السليمة
للشيخ عبد الكريم مراد
أستاذ مشارك بكلية الشريعة
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد: فهذا بيان موجز لأقوال الناس واضطرابهم في مسألة هي من أهم مسائل الدين وهي: مسألة الكلام مع بيان الحق الذي تدل عليه الأدلة وتشهد به الفطرة السليمة.
أقول وبالله التوفيق: الكلام والقول واحد, وهو في عرف الناس ولغاتهم اسم للفظ والمعنى معاً, فاللفظ بمفرده لا يسمى كلاماً ولا المعنى بمفرده كلاما إلا مع قرينة.
ولهذا تجد الكثيرين من المصنفين في أصول الفقه من جميع الطوائف من أتباع الأئمة الأربعة إذا تكلموا في الأمر والنهي ذكروا: أن الأمر والنهي هو اللفظ والمعنى معاً وخالفوا من قال: إن الأمر والنهي هو المعنى [١] قال الشيخ الموفق في روضة الناظر (٢/٦٣) : "وللأمر صيغة مبنية تدل بمجردها على كونها أمراً إذا تعرَّت عن القرائن وهي (إفعلْ) للحاضر و (لْيَفعل) للغائب, هذا قول الجمهور, وزعمت طائفة من المبتدعة أنه لا صيغة للأمر بناءً على خيالهم الفاسد: أن الكلام معنى قائم بالنفس, فخالفوا الكتاب والسنة واللغة والعرف.! "
وعلى هذا مضى السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولم يكن بينهم أي نزاع في مسمى الكلام ومعناه. وهل يعقل أن ينازعوا فيما هو من أجلى الأمور عند الناس مثل الماء والنار والرأس واليد ونحو ذلك.
والكلام تكلم به الأولون والآخرون منذ خلقوا, وهل يقول عاقل: إنهم ما فهموا معنى الكلام ومسماه.
ولوترك الناس على فطرهم السليمة وعقولهم الصحيحة لم يقع بينهم نزاع في مثل ذلك من الضروريات ولكن الشياطين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا فيَضلون ويُضلون غيرهم. ونعوذ بالله من فتن المضلِّين.