الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} القمر/ ٤٩، وقال:{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} لقمان/ ١١، وقال:{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} الذاريات/ ٢١.
ألا تبصر أيها الإنسان في نفسك التي بين جنبيك، وتتأمل عظمة الخالق في جسدك ولحمك ودمك وأعضائك، فترى العجب العجاب، ترى خلق الله في توازن وتناسق وتكامل، كل له دور يؤديه، وعملٌ يقومُ به على أكمل وجه، {تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} المؤمنون/ ١٤. وإذا تبَصَّرت وأبْصَرت، وخاصة إذا كنت من فئة الأطباء، ترى كيف صنع الخالق هذا الجسم البشري من نطفة ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ ثم خلق النطفة عظاماً، ثم كسا العظام لحما، وجعل أجهزة كل يؤدي وظيفته بإحكام وإتقان.
تبَصَّر أيها الإنسان في جوف صدرك، تجد جرماً صغيراً، آية في الخلق والإبداع، آية في التخطيط والتصميم، ترى قلبا حوى ما يخطر لك ببال، من غرف وقنوات، ووصلات اتصال، ومولد ذاتي، ومحرك كهربائي، وأسلاك كهربائية، تعمل بأمر العلي القدير، فستعجب وتقول في نفسك، يا عجبا لأمر هؤلاء الكفرة والملاحدة من بني الإنسان، لماذا هم عن الفهم مبعدون وفي أنفسهم لا يبصرون؟ وتقول في نفسك واعجباً من أمر أولئك الأطباء الذين تعلموا الطب في بلاد الغرب والشرق، بعد هذا يكفرون وقد تبين لهم أنه الحق، وأنه من صنع عليم حكيم، وأحسن كل شيء خلقه.