مواجهة إحدى العادات السيئة، التي تنوقلت على مدى الزمن، من جيل إلى جيل.. وغرست جذورها عميقة في الجهاز العصبي، بل وفي كيان أولئك الذين مردو عليها وأدمنوها.. نريد أن نتحدث عن ذلكم الخيال، وتلكم الآفة الإنسانية التي هي الخمر ـ والآيات ـ التي نجد فيها إرشارات إلى حالة السكر، وإلى الأشربة المتخمرة المسكرة ـ بلغت أربعاً، كانت رابعتها وأخيرتها هي التي نصت على تحريم الصريح لهذه الشريعة.
أما الثلاثة الأولى فلم تكن سوى مراحل تدريجية لتهيئة الاستعداد النفسي لدى المؤمنين حتى يتقبلوا هذا التحريم.
وقد تمت الخطوة الأولى في هذه الطريق في كلمة نزلت بمكة، كلمة واحدة مسَّت المسألة مسَّاً رقيقاً، فمن بين الخيرات التي استودعها الله سبحانه في الطبيعة يذكر القرآن:{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ} ويضيف إليها {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} فهو لم يقصد إلا إلى الموازنة بين (السكر) والثمرات الأخرى التي يصفها بأنها (حسنة) دون أن يصف هذا السكر نفسه، وبذلك صار لدى المؤمنين دافع إلى الإحساس ببعض التحرج والوسوسة تجاه هذا النوع من الشراب:
ولكن هاهم أولا، بعد قليل من وصولهم إلى المدينة يفاجأون مرة أخرى بنص ثان، من شأنه أن يقوي تحرجهم ووسوستهم، وهو يعقد مقارنة موجزة بين منافع الخمر والميسر، ومضارهما ويختم القرآن تلك المقارنة بهذه العبارة {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}