فإذا كان حقاً ألا شيء في هذه الدنيا بخير مطلق، أو شر محض، وأن ما يسمى خيراً وشراً ليس في جملته إلا ما يحتوي على نسبة أكبر من هذا أو ذاك، فإن النتيجة التي نخلص إليها لا بد أن تكون الأمانة لحقيقة بيد أن الذي حدث هو أن التحريم لم يكن واضحاً بدرجة كافية لجميع العقول، ولذلك ظل عدد من المسلمين يشربون، ولعلهم كانوا هم الغالبية، على حين بدأ آخرون منذ ذلك الوقت الامتناع عن الشرب، ومن ثم كان لازماً بعض الأوامر الأكثر صراحة، كيما تصل جميع العقول إلى الاقتناع الكامل ومع ذلك إن هذا كله لم يكن بلا تأثير على جانب اللاشعور في المجتمع حتى إن بعض ذوي العقول الراجحة كانوا يتوقعون نزول حكم نهائي يؤيد وجهة نظرهم، وقد حدث مثلا أن نزل حكم ولكنه لم يكن الحكم النهائي، وإنما سوف نجده يمثل مرحلة متوسطة في المرحلة الثالثة لم يقل القرآن:(لا تشربوا) بل قال: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} وهنا نلاحظ التقدم الذي منها حققته هذه الخطوة، إذا ما ذكرنا أن الصلاة تعتبر الفريضة الأولى في الإسلام لا لأنها الفريضة الدينية الأولى التي يجب أداؤها في أوقاتها، ولكن لأنها كذلك المناط الخارجي، والعلاقة المميزة للمؤمن - هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، يجب أن تقام خمس مرات في اليوم والليلة أربع مرات ما بين الظهر إلى الليل، وينتج عن ذلك أن الذي يشرب أثناء هذه الفترات يكاد يخلّ بالفريضة، بل بأكثر الفرائض قداسة: