يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
(الآية ٣٥ من سورة المائدة)
بين يدي تفسير الآية:
أخرج بن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره عن ابن أبي حاتم بسنده إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رجلا أتاه فقال يا عبد الله اعهد إليّ، فقال: "إذا سمعت الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ} فارعها سمعك: فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه.
فهذا القول من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يعتبر غاية الفقه، وغاية النصح، أمّا كونه غاية الفقه فقد دل عليه ما فهمه من أن الله تعالى إذا نادى عباده المؤمنين لم ينادهم إلا لخير يريدهم أن ينالوه، أو لشر يريدهم أن يحذروه، أمّا أولا: فلأن الله تعالى منزه عن اللعب والعبث فلا يمكن أن يناديهم لغير أمر يهمهم في حياتهم، وأمّا ثانيا فلأن ولايته تعالى لهم تستلزم هدايتهم وإرشادهم لما ينجيهم، ويكملهم ويسعدهم.
وأمّا كونه غاية النصح: فلأن العبد إذا أخذ نفسه على أن يُصغيَ دائما لنداء الله تعالى فيعي عنه ما يقول له ويدعوه إليه من فعل خير أو ترك شر، فإنه ينجو حتما ويكمل ويسعد، وهذا ما يرجوه كل عاقل ويعمل له طوال حياته.
مباحث ألفاظ الآية:
آمنوا: الإيمان التصديق الجازم. فآمنوا معناه صدقوا بوجود الله ربّا وإلها وبلقائه وعدا حقا.
تقوى الله تعالى المأمور بها في الآية هي الإسلام لله تعالى بطاعته فيما يأمر به ويدعو إليه من الإيمان وصالح الأعمال، وفيما ينهى عنه ويزجر من الشرك والمعاصي.