الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين وسيد العالمين، محمد وعلى آله الذين هم أصحابه وأزواجه وذريته وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: قال الله عز اسمه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} . (سورة آل عمران/ ١٩) ، والإسلام هو الانقياد الكامل ظاهرا وباطناً، فالمسلم هو المنقاد الكامل لله تعالى، ولا نعني بالانقياد الكامل الظاهري والباطني إلا أن ينقاد العبد لله تعالى في عقائده وأفكاره، ومنهج فكره وأخلاقه، وأعماله في حياته الفردية وحياته الاجتماعية، وبالجملة: لا تبقى شعبة من شعب حياته سواء كانت فردية أو اجتماعية إلا وهي تابعة ومنقادة لأوامر ربه تعالى ونواهيه، وقال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} . (سورة البقرة) .
أجزاء الحياة الإنسانية:
الحياة الإنسانية تنقسم إلى أجزاء كثيرة، وتجزئتها إلى جميع أجزائها خارجة عن موضوعنا، بل يكفي لنا أن نقسمها إلى جزئيها اللذين نراهما في بادئ النظر ولا نحتاج إلى التفكر العميق لمعرفتهما، بل يكفي لشعورهما أدنى التفكر، وهما كما ترى الحياة الفكرية أو التفكر، والحياة العملية أو العمل، فالإنسان يتفكر ويعمل، ولابد له من التفكر كما لابد له من العمل.
الإسلام يطالب بانقياد كلا الجزئين في حياتنا:
وهذه التجزئة تدلنا إلى أن معنى الآية المذكورة آنفاً أنه يجب أن تدخل حياتنا الفكرية في الإسلام كما تدخل حياتنا العملية فيه، وتنقاد لهداية الله تعالى شأنه في الحياة الفكرية كما تنقاد لها في الحياة العملية.