بحث في صيغة أفعل وبين نحويين واللغويين واستعمالاتها في العربية
لفضيلة الشيخ مصطفى أحمد النماس
المدرس بكلية اللغة العربية –جامعة الأزهر
(الحلقة الثالثة)
تعقيب على بعض المواد
هراق
قال ابن درستويه في كتابه تصحيح الفصيح [١] : وقد غلط ثعلب في وضعه قولهم: هرقت الماء في هذا الباب (باب فعلت بغير ألف) ؛ لأنه ترجمه بباب فعلت بغير ألف، وإنما هرقت من باب أفعلت بالألف عند جميع النحويين [٢] ، وإنما هذه الهاء التي في هرقت بدل من الألف التي تكون في أفعلت، لأن أصل هرقت أرقت [٣] ، فعل معتل العين من الواو، وأصله أروقت؛ لأنه من قولنا راق [٤] الماء يروق، وأروقته أنا، ولكنه لما اعتلت الواو في (قولنا) راق يروق وجب أن يعتل في الرباعي أيضا، فصارت ألفا وانتقلت فتحتها إلى الراء فصارت أراق، فلما كانت هذه الكلمة مما يكثر استعماله في الكلام، استثقلت الهمزة في أولها فأبدلت منها الهاء؛ لأنها ألين كما قالوا: هياك في إياك ولهنك في (لأنك)[٥] وهذه الهمزة التي في أراق تسقط في مضارعه لئلا تجتمع همزتان فيقول: أنا أريق وأصله أؤريق [٦] ، فمن العرب من يزيد بين حرف المضارعة وبين الراء هاء ساكنة عوضا من الهمزة التي تسقط لأن الهاء ليست تستثقل مع الهمزة فيقولون أنا أهريق [٧] . وزعم سيبوبه أن هذه الهاء عوضٌ من ذهاب حركة العين المعتلة، وإنما قال ذلك لأنهم زادوا الهاء في الماضي أيضا فقالوا: أهراق ولم تحذف من الماضي همزة فتكون عوضا منها فلما جرى ذلك في الماضي، والمستقبل جعل علتهما واحدة، وشبهها بالسين التي في اسطاع يستطيع [٨] إنما هي من أطاع يطيع، فمن العرب من يقول في المستقبل: يهريق فيفتح الهاء على فتحة الهمزة التي حذفها؛ لأنها مفتوحة ومنهم من يقول: يهريق. فمن حركها فلا شك في أنه جعل لها الهاء عوضا من الهمزة، ومن أسكنها فعلى ما قاله سيبوبه.