وأما الهاء التي في الفعل الماضي فلا يحركونها مع الهمزة في قولهم: أهراق، لأنها ليست ببدل من الهمزة، ومن جعل الهاء في هراق بدلا من الهمزة التي في أراق [٩] ... أبدلها أيضا في الأمر منها فقال: هرق كما قال الراجز (رؤية) .
يأيها الكاسر عين الأغضن
والقائل الأقوال ما لم يلقِني
هرق على خمرك أو تبين
فتوهم ثعلب أن هاء هرقت وهاء هرق في الأمر من نفس الكلمة، فأدخل هرقت في باب فعلت بغير ألف، وهو خطأ.
وقف وأوقف
قال ابن درستويه [١٠] وكذلك قوله: وقفت الدابة، وقفت وقفا للمساكين، وقفت أنا، لا يجوز أن يكون الفعل اللازم من هذا النحو، والمجاوز على لفظ واحد في النظر والقياس؛ لما في ذلك من الإلباس وليس إدخال الإلباس في الكلام من الحكمة والصواب، وواضع اللغة عز وجل حكيم عليم، وإنما اللغة موضوعة للإبانة عن المعاني، فلو جاوز وضع لفظ واحد للدلالة على معنيين مختلفين، أو أحدهما ضد الآخر لما كان في ذلك إبانة، بل كان تعمية وتغطية، ولكن قد يجيء الشيء النادر من هذا لعلل، كما يجيء فعل وأفعل فيتوهم من لا يعرف العلل أنهما لمعنيين مختلفين، وإن اتفق اللفظان فالسماع في ذلك صحيح عن العرب والتأويل عليهم خطأ، وإنما يجيء ذلك في لغتين متباينتين، أو لحذف واختصار وقع في الكلام حتى اشتبه اللفظان وخفي سبب ذلك على السامع فتأوّل فيه الخطأ وذلك أن الفعل الذي لا يتعدى فاعله إذا أصبح إلى تعدية لم يجز تعديته على لفظه الذي هو عليه حتى يغير إلى لفظ آخر.
ومما يدل على أن الأصل في وقف ما ذكرنا أنهم يقولون:-