وقد ترك صلى الله عليه وسلم الناس على محجة بيضاء واضحة كفيلة لمن سلكها بعز الدنيا وسعادة الآخرة جاء ذلك نتيجة لاتصاف الرسول صلى الله عليه وسلم بكمال النصح وقوة البيان ونهاية الأمانة فما من شيء يقرب إلى الله إلا دل عليه أمته ورغبها فيه كما حذرها مما يخالف ذلك فلم يقصر في صلى الله عليه وسلم في إبلاغه شرع الله ولم يقصر في بيانه عند الإبلاغ. أخرج مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قيل له:"قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة، قال فقال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو عظم".
وقد أعلن صلى الله عليه وسلم قيامه بواجب التبليغ في أعظم جمع لقيه وذلك في حجة الوداع واستشهد الناس على أنفسهم فشهدوا الشهادة الحق بإبلاغه رسالة ربه وتأديته ما أمر به على أكمل وجه ونصحه في ذلك في حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه مسلم في صحيحه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس يوم عرفة:"وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فماذا أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكثها إلى الناس: اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات".