ولم يدع صلى الله عليه وسلم وسيلة فيها إيضاح وإفهام للناس وحفز للهمم إلى القيام بطاعة الله والبعد عن معصيته إلا سلكها في سبيل دعوته إلى الله وتحذيراً منه من النكوب عن الشرع القويم الذي جاء به صلى الله عليه وسلم فكان يضرب الأمثلة التي تجعل الشيء المبين في صورة المحسوس المشاهد، ففي مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني وأنا النذير العريان فالنجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلتهم وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق"، وفي صحيحه أيضا عن جابر رضي الله عنه قال:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي", واتفق البخاري ومسلم على إخراج هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن شيء وكانت الأهمية لغير المسؤول عنه لفت نظر السائل برفقه وحكمته صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الأهم. ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال:"متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت". إلى غير ذلك من الوسائل التي اتبعها صلى الله عليه وسلم في هدايته وإرشاده.