جاء القرآن كذلك بالقيم الإنسانية الكفيلة بحفظ نظام المجتمع وتماسك أفراده، وسعادة أبنائه. فوضع العدل وجعله أساسا للحكم، ودعا الناس إلى الأخذ به، وتطبيقه فيما يحدث بينهم من خصومات. قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} وبذلك يطمئن كل فرد في المجتمع الإسلامي على حقوقه المشروعة فلا يسلب الأقوياء حقوق الضعفاء، ولا يستغل الأغنياء جهود الفقراء، ولا يستهتر الحكام بمصالح المحكومين، وبهذا يعيش الناس إخوان متحابين يتعاونون على البر ويتكافلون في الخير، ويتعاطفون في السراء والضراء.
دعا القرآن الكريم كذلك إلى الصفات المثالية، والسجايا الرفيعة التي تعمق المحبة وتحفظ أواصر المودة كالعفو والإيثار والكرم وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى:{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} , وقال تعالى:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} , وقال تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً, إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً} .
فإن كان الناس في حاجة ماسة إلى الأخذ بهذه المبادئ الإنسانية، والتعامل بها فيما بينهم في غير رمضان فهم أشد حاجة إليها فيه، لأن الصيام ربط بينهم، وطهر نفوسهم، وجعلهم يشعرون بما لإخوانهم عليهم من حقوق واجبة الرعاية، والأداء.