ومتى يؤمن المسئولون عن مستقبل الشباب بأن الدين هو أرسخ القواعد وأقواها وأصلبها على احتمال بناء الغد إذا عاش ذلك الدين في القلوب عقيدة قادرة على نفي الشوائب وتنحية العوائق التي تعترض مسيرة الإيمان؟ متى يكون كل هذا لنحقق للأجيال القادمة المستقبل المأمون؟
إن بناء صرح الغد يعتمد أول ما يعتمد على تربية النفوس.
وإن بناء الأجيال الجامحة قد تكون أعتى ما يواجهه المصلحون، غير أن براعة التخطيط لهذه التربية وإعداد المنهج الصالح بعيداً عن المؤثرات الغربية، ومتابعة تنفيذه في صبر، وتعبئة كل الوسائل المعينة على تحقيقه، وحمايته من المناوآت التي قد يشنها المتطرفون أنصار التحرر من كل قيد حتى قيد الدين، وأخيراً يجيء دور الإحساس بل الإيمان بالمسئولية والخوف من حساب الله.
كل ذلك يحقق ما تنشده الأمة من تلك التربية التي تعتمد عليها صروح المستقبل.
ومنهج التربية السماوية ذلك المنهج الذي اعتمد عليه معهد التربية المحمدية، فقضى به على باطل العادات وضلال التقاليد الموروثة يجب أن يضعه المصلحون نصب أعينهم ليتخذوا منه الإشراق الذي ينير سبيل الدالجين.
وقد كانت الحكمة طريق الدعوة بل كانت أول كلمة تؤذن في أول الطريق فترن في أسماع الدعاة وتدوى في قلوب المصلحين تلك الحكمة التي نادى بها الحق:
وتجلت حكمة إله السماء في التدرج في علاج بعض الأدواء التي كان يعانيها المجتمع الجاهلي كالخمر التي هام بها المترفون فنزل في شأنها أولاً:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}