ذلك أن مبادئ الإسلام الخالدة هي مبادئ الحضارة التقدمية، ولم يشهد التاريخ قوة للإسلام ولا عزة للمسلمين إلا حينما كانوا يتخلقون بما في هذه المبادئ من أخلاق وقيم.
والقوة في هذه المبادئ أنها تنتظم جميع الأفراد وأنها عامة يتساوى أمامها الأمير والصغير، والغني والفقير، فليس هناك تفاضل بالأموال أو الأنساب أو الجاه. وإنما التفاضل بالعمل الصالح والتنافس فيه.
وإذا قدر لواحد منهم أنه استجاب لداعي شهوة أو غريزة ذكر الله فاستغفره. كي تظل حياته عامرة بالإيمان. ولا يجد حرجا أن يعلن عن مخالفته ليرجع إلى الله بالتطهير مما اقترف ولو كان في ذلك قضاء على حياته. لعلمه أنها فانية، وأن الدار الآخرة هي الحيوان فنجد ماعزاً رضي الله عنه يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: يا رسول الله زنيت فأقم عليّ الحدّ. فيراجعه الرسول صلى الله عليه وسلم مرة ومرة ويظل على رأيه لا يحيد عنه، فيأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإقامة الحد عليه.
وتجيء الغامدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول له: زنيت. هذا الحمل من سفاح فراجعها الرسول صلى الله عليه وسلم وتصر على الاعتراف فيؤخر الرسول صلى الله عليه وسلم إقامة الحد عليها حتى تضع حملها وتلد ويستغني الولد عن اللبن بالفطام. وتأتي بعد كل ذلك مختارة ليقام عليها الحد. فتطهر من الدنس الذي علق بها وتلقى الله وهو راض عنها.
كما نجد أن صحابيا تحت تأثير شهوة أتى امرأته في نهار رمضان ولما أفاق من غفلته تحرك فيه الوازع الديني فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: هلكت ليجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقا لنجاته، فيرشده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فعل الكفارة على ضوء الحديث الذي حدثنا به أبو هريرة رضي الله عنه من رواية البخاري.