وقال الألوسي:"الإرادة في الأصل قوة مركبة من: شهوة، وخاطر، وأمل، وبين الإرادة والشهوة عموم من وجه، لأنّها قد تتعلق بنفسها، بخلاف الشهوة فإنها إنما تتعلق باللذّات، والإنسان قد يريد الدواء البشع، ولا يشتهيه. ويشتهي اللَّذيذ ولا يريده إذا علم فيه هلاكه، وقد يشتهي ويريد [٣] . وإن صحَّ أن نقسم الإرادة إلى أطوار، أو مراحل تسبق التنفيذ من الإنسان للفعل، صح أن نقول هي خمسة:
١- الهاجس: ويعبرون به عن الخاطر الأول، فإذا تحقق في النفس سمَّوه إرادة، فإذا تردد الثالث سمّوه، هِمّةً. وفي الرابعة سمّوه عزماً، وعند التوجه إلى القلب - إن كان خاطرَ فعلٍ - سمّوه قصداً، ومع الشروع في الفعل سمّوه: نيَّة [٤] .
٢- الخاطر: هو ما يَرِد على القلب من الخطاب، أو الوارد الذي لا عمل للعبد فيه [٥] .
٣- حديث النفس: ويسمى وسواساً، قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق/١٦] . أي: ما تحدثه به وهو ما يخطر بالبال، والوسوسة الصوت الخفي [٦] .
وفي الحديث: "إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست - أو حدثت - به أنفسها، مالم تعمل به أو تكلَّم" [٧] .
٤ - الهمُّ: بمعنى القصد والإرادة مطلقاً، أو بمعنى القصد الجازم والعقد الثابت [٨] . وفي الحديث القدسي: "إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بيَّن ذلك، فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن هو همَّ بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو همّ بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة" [٩] .
قال ابن حجر: الهمُّ ترجيح قصد الفعل، تقول: هممت بكذا أي: قصدته بهمتي، وهو فوق مجرد خطور الشيء بالقلب.