للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن هذه الأرض التي نعيش عليها كان قد فتحها أسلافنا لتتمثل فيها الحضارة الإسلامية ويُطبق فيها نظام الحياة الذي كانوا يؤمنون بكماله، وإن استمرار الأجيال المسلمة كليا على سعي الجيل الحاضر لنقل الحضارة الإسلامية في منهجها الرباني الراشد إلى الجيل الناشئ. هذا المنهج الذي توارثناه عن أسلافنا الكرام رضي الله عنهم وتميزنا به عن أمم العالم أجمع. ولا تتحقق هذه الغاية إلا بطريقتين: الأولى: أن ينهض الطلبة أنفسهم لتحقيقها. والثانية: أن تضع الحكومة نظاما للتعليم والتربية يحقق هذه الغاية.

وأعلل هذه الفكرة فأقول: إن الطلبة الذين يدرسون في المعاهد والجامعات يبلغون الرشد، ويتمتعون بالنضج الفكري والوعي، ويستطيعون أن يميزوا الخبيث من الطيب والشر من الخير. ومن ثمّ فإن كل الثقل في هذا الشأن لا يكون على عاتق الحكومة فقط بل يكون على عتق الطلبة أنفسهم كذلك. ويجب أن يكون الطلبة الشباب على شعور تام بأنهم مسلمون وأنهم مدعوّون لأن يعيشوا على هذه الأرض حياة إسلامية، ويُحتّم ذلك أن تلتهب في نفوسهم المؤمنة جذوة الشوق إلى معرفة ما هو المنهاج الذي يضمن لهم البقاء، وما هي الخصائص البارزة المميّزة للأمة الإسلامية، أي الخصائص التي إذا تخلّوا عنها وفقدوها، ينهار كيان شخصية الأمة الإسلامية وتصبح خاوية على عروشها. إن أصل الإسلام وأساس بنائه الإيمان بهذه الرسالة المحمدية العظمى التي تقوم على عقيدة التوحيد. هذه العقيدة الغالية التي تجرّد أعمال العبد المؤمن لله رب العالمين وتوجّه قلب المؤمن في قضاء حاجاته الدنيوية والأخروية إلى الواحد الأحد الفرد الصمد.